تقع مدينة الإدريسية إلى الجنوب الغربي من ولاية الجلفة وتتربع على مساحة قدرها 375.09 كم مربع ويبلغ تعداد سكانها 24512 نسمة (إحصاء ديسمبر 2003)، وتتوفر على ثروات طبيعية: نوعية المياه الجيدة ونوعية الأتربة والطين القابل لتصيع مواد فخارية وأصبغة، هذا مع خصوبة أراضيها ووجود ثروات حيوانية أهمها الماشية مع تنوع تضاريسها ما بين السهبية والصحراوية. الادريسية أو زنينة من أقدم مدن ولاية الجلفة باعتبارها من مدن الألف سنة كما يقول عنها الباحثون فقد وجدت من قبل الرومان حيث كانت تقطنها قبائل (مغراوة) الأمازيغية ثم وفد اليها الرومان عن طريق ابنة الملك "دمد" المسماه بزنينة [1] وتزوجت بـ"سردون" وتوجها سكان المنطقة ملكة، وبها سميت المدينة "زنينة".
وبعد الرومان سكنها " البدارنية" وهم قبائل امازيغية قطنتها لفترة طويلة ثم اشتراها منهم أحد الرجال الصالحين واسمه " أمحمد بن صالح" بمائة بقرة، فعمرها ونشر فيها الأمن وروح التعايش بين القبائل المتوافدة، فأصبحت معبرا للرحالة المغاربة كتبوا عنها في مخطوطاتهم، وكانت معبرا للحجاج.
قصدت الإدريسية (زنينة) شخصيات معروفة منهم " أحمد باي" الذي جاءها سنة 1723، طلبا لوساطة أهلها عند مدن الجنوب. كما بلغها الأتراك، وكان القائد "الزيغم" حاكما لها في عهدهم حيث قام ببناء الحارة وغرس البساتين.
أما الفرنسيون فقد وصلوا إليها في: 28 أفريل 1845 يلاحقون الأمير عبد القادر الذي آوته " زنينة " وساعده أهلها بالمؤونة وصلى بأهلها ودعا لهم بالبركة والأمان. وقد وقف أهلها إلى جانب مقاومات شعبية أخرى كمقاومة "التلي بلكحل" و"موسى بن حسن".
وأول مدرسة بنيت على مستوى المناطق السهبية بناها الفرنسيون ب "زنينة" سنة 1858 هي مدرسة "راؤول بوني" درس فيها نوابغ وأساتذه كبار منهم جلول بلمشري الذي أصبح فيما بعد المترجم بمجلس قضاء باريس، ودرس بها الدكتور أحمد بن سالم الناشر لـ "إيتيان ديني" وقد أسلم على يده فيما بعد.
و كان أول مسجد بني بالزنينة سنة 1891 وتأسست بها زاوية لتحفيظ القرآن وتدريس علوم الدين سنة 1906 من طرف الشيخ طاهري عبد القادر بن مصطفى الزنيني، قصدها الطلاب من المدن المجاورة كالأغواط والجلفة والبيض وتيهرت والمدية وحتى الجزائر العاصمة.
وفي الكفاح السياسي فان خالدي مخلوف أول من أدخل حزب الشعب الجزائري مكونا بذلك خلية نضال، وناضل عبد المالك محمد "سي الدرويش" في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
الثورة التحريرية و إبان الثورة التحريرية كانت " زنينة " نقطة تموين للولايتين الخامسة والسادسة ماديا وبشريا، فكان من مجاهديها لزهاري بن شهرة، قويلي محمد المعروف بالفيدة، صديقي النوري المعروف بنهاي، طاهري عبد الرحمان، حنيشي محمد، وشكال البشير...الخ
وقد شهدت أراضيها عدة معارك منها معركة "سردون" التي جــرت في 19/02/1958 ومعارك أخرى في الحرشة والشايفة.