تتمة
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِى خَرَابِهَا} [114]:
قوله
"منع": نزل في شأن المشركين حين منعوا المسلمين من ذكر الله تعالى في
المسجد الحرام، وسعيهم في خرابه بمنعهم من عمارته بذكر الله وطاعته.
1)…عمارة المسجد
وقوله: {أُولئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلاَّ خائفين} [114].
يدل على أن للمسلمين إخراجهم منها إذا دخلوها، لولا ذلك ما كانوا خائفين بدخولها.
ويدل على مثل ذلك قوله تعالى: {مَا كَانَ للْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ}:
وعمارتها تكون ببنائها وإصلاحها، والثاني: حضورها ولزومها ... كما يقال: فلان يعمر مسجد فلان، أي يحضره ويلزمه ..
(1/
--------------------------------------------------------------------------------
{ وَللَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة:115]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الصلاة
قوله عز وجل: {وَللهِ المَشْرِقُ وَ المَغْرِبُ} [115].
يدل على جواز التوجه إلى الجهات في النوافل، وللمجتهد جواز التعبد بالجميع ..
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{
وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [البقرة:116]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…المِلْك
وقوله: {وقَالُوا اتّخَذَ اللهُ وَلَدَاً} الآية [116]:
يدل
على امتناع اجتماع الملك والولادة، إلا جواز الشراء توسلاً إلى العتق
بقوله عليه السلام: " فيشتريه فيعتقه".. أي بالشراء يعتقه، كقوله عليه
السلام "الناس عاريان: فبائع نفسه فموبقها، ومشتر نفسه فمعتقها" .. يريد
أنه يعتقها بالشراء لا باستئناف عتق.
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ
رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ } [البقرة:124]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الإمامة الكبرى
2)…العصمة
3)…المعجزة
{لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمين} [124].
ودل
قول الله تعالى: {لاَ يَنَالُ عهْدي الظّالمين} على أن الإجابة قد وقعت له
في أن من ذريته أئمة، ولكن لا إمامة لظالم حتى لا يقتدى به، ولا يجب على
الناس قبول قوله في أمر الدين.
(1/9)
--------------------------------------------------------------------------------
نعم:
كان يجوز أن تظهر المعجزة على يد فاسق ظالم، ويجب قبول قوله لوجود الدليل،
وإن لم يجب قبول الفاسق، لعدم ظهور الصدق الذي هو دليل قبول قوله، فأما
دليل المعجزة فلا يختلف بالظلم وعدمه عقلاً، غير أن العصمة وجبت للأنبياء
سمعاً.
ويجوز عقلاً وجوب قبول قول الفاسق، ولكن دلت هذه الآية على أن عهد الله تعالى لا ينال الظالمين.
فيحتمل أن يكون ذلك النبوة، ويحتمل أن يكون ما أودعهم من أمر دينه، وأجاز قولهم فيه، وأمر الناس بقبوله منهم.
ويطلق العهد على الأمر، قال الله تعالى:
{إنَّ اللهَ عَهِدَ إلَيْنَا}، يعني أمرنا، وقال: {أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنيِ آدَمَ}، يعني: ألم أقدم إليكم الأمر به.
وإذا
كان عهد الله هو أوامره، فقوله: {لاَ يَنَالُ عَهْدِيِ الظّالمِين}، لا
يريد به أنهم غير مأمورين لأن ذلك خلاف الإجماع، فدل على أن المراد به أن
يكونوا بمحل من تقبل منهم أوامر الله، ولا يؤمنون عليها.
1)…الطهارة
قوله تعالى: {وإذ ابَتَلَى إبْرَاهِيِمَ ربّهُ بكَلِماتٍ فَأتَمّهُنَّ}: الآية [124].
دلت
على أن التنظف ونفي الأوساخ والأقذار عن الثياب والبدن مأمور به ، وقد قال
سليمان بن فرج أبو واصل: أتيت أبا أيوب فصافحته فرأى في أظفاري طولاً،
فقال:
جاء رجل إلى النبي عليه السلام يسأل عن أخبار السماء، فقال: يجىء
أحدكم فيسأل عن أخبار السماء وأظفاره كأنها أظفار الطير يجتمع فيها الوسخ
و النفث؟
وقالت عائشة رضي الله عنها:
"خمس لم يكن النبي صلىالله عليه وسلم: يدعهن في سفر ولا حضر: المرآة، والكحل، والمشط، و المدري، والسواك".
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة:124]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
(1/10)
--------------------------------------------------------------------------------
1)…الإمامة الكبرى
قوله تعالى: {إنِّي جَاعِلُكَ للنّاسِ إمَامَاً} [124].
الإمام: من يؤتم به في أمر الدين، كالنبي عليه السلام، والخليفة والعالم.
أخبر الله تعالى إبراهيم أنه جاعله للناس إماماً، وسأل إبراهيم ربه أن يجعل من ذريته أئمة. فقال تعالى:
{
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ
مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [البقرة:125]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الحج
2)…الصلاة
وقوله تعالى: {واتّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيِمَ مُصَلّى} [125].
يدل على ركعتي الطواف وغيرهما من الصلوات.
وقوله: {أَنْ طَهّرَا بَيْتي للطّائِفِينَ والعَاكِفِينَ والُّرُّكّعِ السُجودِ} [125].
يدل من وجه على أن الطواف للغرباء أفضل، والصلاة للمقيمين والعاكفين بها أفضل ...
ويدل على اشتراط الطهارة للطواف، ويدل على جواز الصلاة في نفس الكعبة رداً على مالك في منع الصلاة المفروضة في الكعبة. دون النفل.
وأمره بتطهير نفس البيت يدل على الصلاة - التي شرعت الطهارة فيها - في نفس البيت.
ودل
أيضاً قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسْجِدِ الحَرامِ} على جواز
الصلاة، إذ الشطر الناحية، والمصلي في البيت متوجه إلى ناحية منه.
1)…الحج
2)…الجهاد
3)…الصلاة
قوله
تعالى: {وإذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً للنّاسِ وأَمْناً}، يحتج به في
كون الحرم مأمناً، ويحتمل أن يكون معناه جميع الحرم، كقوله:
{وَلا َ
تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}. وقوله: {فَلاَ يَْقْرَبُوا
المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذا}. إلا أن معناه أنه مأمن عن
النهب والغارات، ولذلك قال النبي عليه السلام في خطبته يوم فتح مكة:
(1/11)
--------------------------------------------------------------------------------
"إن
الله حبس عن مكة الفيل، وملك عليها رسوله والمؤمنين، وإنما أُحلت لي ساعة
من نهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا
تحل لقطتها إلا لمنشد"
نعم، قد روى أبو شريح الكعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس، فلا يسفكن فيها دم، وإن الله تعالى حلها لي ساعة، ولم يحلها للناس".
ويحتمل
أن يكون جعلها مأمناً ما جعل فيها من العلامة العظيمة على توحيد الله
تعالى، واختصاصه لها بما يوجب تعظيمها ما شوهد من مر الصيد فيها، فإن سائر
بقاع الحرم مشبهة لبقاع الأرض، ويجتمع فيها الكلب والظبي، فلا يهيج الكلب،
ولا ينفر منه الظبي، حتى إذا خرجا من الحرم عدا الكلب عليه، وعاد إلى
النفور والهرب.
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
{ وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَاذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ
مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى
عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [البقرة:126]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد
2)…الحدود
3)…الحج
قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً} [126].
يعني
من القحط والغارة، لا على ما ظنه بعض الجهال أنه يمنع من سفك الدم في حق
من لزمه القتل، فإن ذلك يبعد كونه مقصوداً لإبراهيم عليه السلام، حتى
يقال: إنه طلب من الله أن يكون في شرعه تحريم قتل من التجأ إلى الحرم، ممن
حرم الله تعالى عليه دخول الحرم والمقام فيه وأمره بالخروج ومنع من
معاملته، وتعزيره على ظلمه، دون أن يكون مراده منه رفع القتر والغارات
والنهوب والقتال، خاصة إذا قيل: يجوز قطع الأيدي في السرقة، وإقامة
الجلدات في الجرائم الموجبة لها، وكيف يحصل معنى الأمن مع هذا؟
ودل سياق الآية على ذلك، فإنه تعالى قال:
(1/12)
--------------------------------------------------------------------------------
{وارْزُقْهُمْ مِنَ الثّمَرَاتِ}.
وقال: {فاجْعَلْ أَفْئِدةً مِنَ النّاسِ تَهْوى إلَيْهِمْ}.
ومنع
الله تعالى من اصطلام أهلها، ومنع من الخسف و الغرق الذي لجّو غيرها، وجعل
في النفوس المتمردة من تعظيمها والهيبة لها ما صار أهلها متميزين بالأمن
عن غيرهم من أهل القرى.
قوله تعالى: {وَلْيَطّوّفُوا بِالْبَيْتِ
العَتيِقِ}، يوجب الطواف لجميع البيت، فمن سلك الحجر، أو على شاذروان
الكعبة، وهي من البيت فلم يطف جميع البيت فلا يجوز.
{ وَإِذْ يَرْفَعُ
إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا
تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [البقرة:127]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الجهاد
2)…الحدود
3)…الحج
قوله: {رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّا} [127].
معناه: يقولون ربنا، كما قال تعالى:
{وَالمَلاَئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْديِهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكَمْ} معناه: يقولون: أخرجوا أنفسكم.
{
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً
مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة:128]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…المناسك
قوله تعالى: {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [128].
يقال أن أصل النسك في اللغة الغسل، يقال منه: نسك ثوبه إذا غسله، وهو في الشرع اسم للعبادة، يقال: رجل ناسك إذا كان عابداً.
وقال البراء ابن عازب:
خرج النبي عليه السلام يوم الأضحى فقال:
"إن أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح".
وقال عز وجل: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ}
يعني ذبح شاة.
ومناسك الحج: مايقتضيه من الذبح و سائر أفعاله.
وقال عليه السلام حين دخل مكة محرماً:
"خذوا عني مناسككم".
الأحكام الواردة في سورة ( البقرة )
(1/13)
--------------------------------------------------------------------------------
{
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ
وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ
الصَّالِحِينَ } [البقرة:130]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…أصول فقه (شرع من قبلنا)
قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلّةِ إبْرَاهِيِمَ} الآية [130].
يدل على لزوم اتباع إبراهيم في شرائعه فيما لم يثبت نسخه.
{
سَيَقُولُ السُّفَهَآءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ
الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي
مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [البقرة:142]
قائمة بأسماء المباحث في علوم القرآن التي تضمنتها الآيات الكريمة
1)…الطهارة (التيمم)
2)…قبول خبر الواحد
3)…أصول فقه (النسخ)